ناتاشا ويمر .. جزء من عالم الحروف الكبير

Standard

Natasha_Wimmer

ترجمت ناتاشا ويمر ست كتب لروبرتو بولانو، من ضمنها “2666” (الحائزة على جائزة دائرة نقاد الكتاب القومي للأدب عام 2008) و “المحققين المتوحشين”. وقد ترجمت كذلك ثلاثة كتب لماريو فارغاس لوسا، بجانب أعمال لجابرييل زايد، لورا ريستريبو، رودريجو فريسان، وبيدرو خوان جوتيرز. وقد حصلت على منحة نيا للترجمة (2007)، جائزة بين للترجمة (2008)، وجائزة في الأدب من الأكاديمية الأمريكية للأداب والرسائل (2010). وقد عملت سابقاً كمحررة أدبية في “أمريكان سكولر” وكتبت مراجعات نقدية لمنشورات عديدة من ضمنها “نيويورك تايمز”.

ماذا كانت آخر عقبة تواجهك أثناء ترجمة (جملة، كلمة، مصطلح)؟ وكيف تمكنتِ من حلها؟

هذا سؤال جيد حقاً، فقد اتضح أثناء إجابتي عليه للمرة الأولى، أن الحل الذي توصلت له لمشكلة ما كان خطأ. فها هي محاولة أخرى، من رواية ألفارو إنريجي “الموت المفاجئ”، والتي أعمل عليها حالياً. أنها مجرد مشكلة صغيرة، أحد تلك المشاكل التي قد يواجهها المترجم في كل جملة تقريباً. البابا بيوس الرابع ورئيس محققيه، الكاردينال مونتالتو، يستمتعان بمأدبة وهمية بينما تحترق روما. يقدم بيوس الرابع لمونتالتو هدية، صندق صغير. يقول مونتالتو أن المجوهرات لا تلائمه. يرد بيوس الرابع بجملة تعني حرفياً: “أتعتقد أن في هذه المأدبة الأخيرة لنا وآخر لقاء لنا سأقدم لك صندوق مجوهرات؟” وهي صحيحة (على حسب إعتقادي)، ولكن أزمنة الأفعال غليظة وصعبة المراس بالإنجليزية. الحل (حتى الآن): “أتعتقد أن في لقائنا الأخير هذا، خلال مأدبتنا الأخيرة، سأقدم لك صندوق مجوهرات؟” عندما أسمعها، تبدو هذه الترجمة أكثر إنسيابية ولها نفس المعنى. قد تدور بالعقل بعض الشكوك بينما أقدمها، فعلى الرغم من ذلك: المشهد يدور حول الفرضيات (ومن الصعب شرحها وإختزالها). وربما تلك الأزمنة  الملتفة كانت هامة لتبين ذلك – لذلك فالحل  الذي أقدمه يفقدها بعض الجودة الأصلية.

المترجمون يتمتعون بالكثير من السلطة على النص. كيف تتعاملين مع تلك السلطة؟ هل يمكن للترجمة أن تكون غير أخلاقية؟

لا أعتقد أن كلمة “غير أخلاقية” هى الكلمة التي سأستخدمها، في معظم حالات الترجمة الأدبية، أعتقد أن كلمة “مضللة” أقرب للمعنى. فطالما المترجم يحاول بصدق أن ينقل إحساس النص، أعتقد أن تلك محاولة شريفة. في الواقع، سأتمادى قليلاً وأقول، أن على المترجم أن يعتنق تلك القوة التي يسيطر بها على النص – فالترجمة المترددة غالباً ما تكون ترجمة غير مقنعة، وغير قوية. هذا لا يعني بأنني أقول أنني لا أهتم بالضرر الذي أسببه للنص. أقلق بشأن ذلك طوال الوقت، خاصة عندما أحاول الحفاظ على تميز أسلوب الكاتب. من المحتمل أن أبالغ بالترجمة. ولكنني أعتقد بأن عواقب التقليل من الترجمة أسوأ.

هناك تعبير إيطالي مشهور يعتمد على اللعب على كلمات “خائن” و “مترجم”. بينما تكتب الشاعرة والمترجمة روزماري والدروب، “الترجمة لا تعني صب الخمر من زجاجة لأخرى. المادة وشكلها لا يمكن فصلهما بسهولة، الترجمة أشبه بإقتلاع روح من جسدها وإستدراجها لجسد آخر. هي تعني القتل.”. لما يحفز مصطلح الترجمة تشبيهات عنيفة بهذا الشكل؟ إلى أي مدى تشعرين بأن ترجمتك الخاصة فعل تدميري؟

أستطيع التعرف على الرواية الأشبه بالزومبي التي قد تنتج عن تلك الترجمة التي يقصدونها، كتاب ترجمته سطحية للغاية لدرجة تجعل عينا القارئ تتوهان في الصفحة. ولكنني أعتقد أن والدروب لم تتحلى بالثقة الكافية في المادة. فالتفاصيل الأساسية للقصة – المكان، الأحداث، الشخصيات، وجهات النظر – لها روح خاصة بها، روح من الصعب قتلها بالترجمة.

كلمة “مخلص” عادة ما تظهر في نقاشات تتعلق بالترجمة. لمن أو لأي شئ تكون الترجمة مخلصة؟ وهل الترجمة المخلصة هي ترجمة جيدة؟ وهل الترجمة الجيدة هي ترجمة مخلصة؟

تم إجباري مؤخراً على أخذ هذا السؤال في إعتباري بشكل جدي. فلأول مرة، أنا أعمل على ترجمة رواية أعرف مقدماً بأن المؤلف سيقرأها بحرص، وإنجليزيته تكاد تكون ممتازة. وهذا جعلني واعية بشدة للكتابة (أو عدمها) لجمهور معين. هل أنا أكتب للمؤلف، أم أنني أكتب للقارئ العادي المتابع للأعمال الأدبية المترجمة إلى الإنجليزية؟ إن كان الإختيار الأول، فيجب علي الترجمة بحرص أكثر؛ وإن كانت الثانية، فعلي أن أطلق عناني وأن أكون أكثر وضوحاً. سأحاول أن أقول بأن كلا النسختين “مخلصتين” بطريقتهما، ولكن كلاهما لجمهور مختلف. ومسئوليتي الكبرى، كما أعتقد، هي تجاه جمهور النص الأكبر. قد يتفق معي الكثير من الكُتاب، بورخيس وإمبرتو إيكو على سبيل المثال، فقد شجع كلاهما مترجميهما على الإستفادة من مصادر اللغة الإنجليزية بشكل كامل في ترجمة أعمالهم. ولكن يجب علي الأخذ في الإعتبار رد فعل قارئ قد يكون غيور على كل كلمة وكل جملة.

متى تشعرين بأن الترجمة اكتملت؟

عندما أجد نفسي أمر على نفس الكلمات والجمل، وأقوم بتعديلات لأعكسها بعدها مباشرة. بالطبع، بعد ستة أشهر، عندما يكون قد فات الآوان على المراجعة ويصبح بإمكاني أن أقرأ بعين أكثر دقة، أجد أشياء كثيرة بحاجة للتعديل.

ما أنواع الكتب الأكثر ترجمة في اللغة التي تترجمين منها للإنجليزية غالباً؟

الرواية – وخاصة الأدب المعاصر الذي يسعى لتبني اللغة الحوارية الدولية. وأعتقد أن هذا أمر جيد، على الرغم أنني أحياناً أتمنى لو أن هناك المزيد من الترجمات للأعمال غير الروائية وكتب الأطفال، فقد فوجئت مؤخراً بإيجاد كتاب “مانوليتو جافوتاس” لإلفيرا ليندو واشتريته لابنتي.

لما تترجمين؟

للشعور بتلك اللذة الخاصة؛ للسعادة الناتجة عن قدرتي على جعل جملة أو فقرة تغني بلغة جديدة؛ من أجل البحث الذي أقوم به؛ ومن أجل الشعور بالرضا لكوني جزء من عالم الحروف الكبير.